تواصل الولايات المتحدة سعيها لتعزيز قدرات الجيش الأوكراني بغية مقاومة الغزو الروسي ولم لا صده حيث دفعت بحزمة مساعدات عسكرية جديدة قالت تقارير إعلامية إنها ستشمل تزويد الجيش الأوكراني بمسيرات “سويتش بليد”، ما يثير تساؤلات حول قدرة هذا النوع من المسيرات الذي ينضاف إلى بيرقدار التركية في دعم الجيش الأوكراني على مواجهة الهجوم الروسي.
واشنطن – مع استمرار الحرب في أوكرانيا وتركيز روسيا على شرق البلاد تواصل الولايات المتحدة محاولاتها لتعزيز قدرات الجيش الأوكراني من خلال معدات عسكرية من شأنها على الأقل إطالة أمد صموده في مواجهة الغزو الروسي.
ويثير ذلك تساؤلات عن فرص نجاح التحركات الأميركية خاصة بعد إدراج الرئيس الأميركي جو بايدن الدرونز كجزء من حزمة الأسلحة المتجهة لأوكرانيا، والتي تم الإعلان عنها مؤخرا من دون الخوض في تفاصيل حولها.
وصرّح بايدن في معرض حديثه عن حزمة المساعدة عموما، بأنها أظهرت “التزام الولايات المتحدة بإرسال أحدث أنظمتنا إلى أوكرانيا للدفاع عنها”.
وأكدت تقارير إعلامية نقلا عن مسؤولي دفاع أميركيين منذ ذلك الحين أن الدرونز المتضمنة في حزمة الأسلحة المزمع إرسالها ستشمل درونز سويتش بليد المسلحة.
سلاح مثالي
يتم إطلاق سويتش بليد من أنابيب، وهي أسلحة تستخدم مرة واحدة وقادرة على إلحاق أضرار جسيمة بقوات الخصم. ويأتي اسم هذه الدرونز (والذي يعني الشفرات) من أجنحتها التي تشبه الشفرات التي تظهر عند تشغيل الجهاز، ثم تتحرك مروحته الصغيرة.
ويرى خبراء وباحثون أن هذا النوع من المسيرات يكتسي أهمية خاصة لقدراتها الفائقة في مواجهة خصوم أكثر تسليحا وأكبر حجما على غرار ما يحدث بين القوات الروسية والأوكرانية.
وقال الباحث في مركز المستقبل للأبحاث والدراسات والدراسات المتقدمة آش روسيتير إن “درونز سويتش بليد من عدة أوجه هي السلاح المثالي لنمط الحرب غير المتكافئة التي يخوضها الأوكرانيون، فنموذج 300 من درونز سويتش بليد وهو النظام الذي تم إرساله على الأرجح إلى أوكرانيا يزن حوالي خمسة أرطال، ويطير لمدة تصل إلى 15 دقيقة في المرة الواحدة، وهو مصمم ليُحمل في حقيبة ظهر. لذا فإنه من نواح كثيرة يعد النظام التكتيكي المثالي لوحدات المشاة الصغيرة التي تهدف إلى ضرب الخصوم”.
وأوضح روسيتير في ورقة بحثية أن “هناك سمة أخرى بارزة وهي سهولة تشغيل نظام سويتش بليد، فعملية إطلاقه تتم باستخدام نظام تحكم أرضي بسيط للأجهزة اللوحية”.
وتابع “وبعد أن يخرج الدرون من الأنبوب وتنفتح أجنحته وتدور مروحته لأعلى، يبدأ في الطيران في أي اتجاه يبغاه مشغّله. ثم يُبث فيديو مباشر من الدرون إلى المشغّل، بحيث يمكن مشاهدته على وحدة التحكم اليدوي. وما إن يتم تحديد الهدف المحتمل، يستطيع المشغَل تعيين هذا الهدف على شاشة التحكم، ثم يسيّر درون سويتش بليد نفسه بنفسه في تحديد التوجيه النهائي وينفجر فوق هذا الهدف”.
ويأتي ذلك في وقت تستمر فيه المعارك في أوكرانيا، وسط حملة شديدة من الغرب لتحميل روسيا مسؤولية “انتهاكات محتملة” في ما يتعلق بقتل مدنيين أوكرانيين في مدينة بوتشا الأوكرانية، ونفت موسكو صحة المزاعم الغربية وطلبت التحقيق في “استفزازات” هناك.
وتلعب التكلفة دورا كبيرا في ترجيح كفة سويتش بليد على حساب مسيرات أخرى حيث تقل تكلفة هذا النوع من الدرونز بكثير عن أغلب الدرونز، بما في ذلك بيرقدار التركية.
انتصار مستحيل
تعد من الأجهزة غير المعمرة ومن الوارد استبدالها. وعرض الولايات المتحدة إرسال 100 درونز من هذا النوع هو عرض شديد السخاء، خاصة أنها من أحدث التقنيات، بيد أنه لا يمكن الرهان عليها للفوز في أي حرب، ولكن هذه الشحنة قد تكون الأولى من سلسلة شحنات، كشحنات الصواريخ المضادة للدبابات والأسلحة المضادة للطائرات والمحمولة على الكتف التي أرسلها البنتاغون.
ورغم المراهنة على مسيرة سويتش بليد إلا أنه ليس من المرجح أن يصل تأثيرها على ميدان المعركة إلى حد قلب موازين القوى أو تحقيق أوكرانيا انتصارا على روسيا التي تعيد قواتها التمركز بشكل يزيد الضغط في عدة مناطق مثل ماريوبول وجنوب البلاد.
وقال روسيتير إنه “على الرغم من مقاومة حكومة أوكرانيا وجيشها الشديدة، فإن انتصار أوكرانيا هو أمر شبه مستحيل، فلا تزال القوات الروسية تحقق مكاسب مهمة في الجنوب”.
لكن قد يكون لهذه المسيرات، إلى جانب الدرونز التركية الصنع بيرقدار، تأثير خاص على قدرة القوات الأوكرانية على مقاومة الهجوم الروسي الذي لا يبدو أن شيئا قادرا على إيقافه بسرعة غير تدخل مباشر من حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي يرفض بشدة ذلك، خاصة وأن هكذا خطوة ستدخل العالم متاهات مواجهة بين جيوش تمتلك قوة نووية.
هذه المسيرات لها تأثير على قدرة القوات الأوكرانية على مقاومة الهجوم الروسي الذي لا يبدو أن شيئا قادرا على إيقافه بسرعة
وقال روسيتير إن “الولايات المتحدة وشركاءها سيستمرون في البحث عن وسائل تٌمكّن القوات الأوكرانية من الاستمرار في القتال وتجنب الهزيمة الكاملة على الأقل، وهي استراتيجية مبنية على مبدأ أنه إذا لم تنتصر روسيا في الحرب، فستخسر. ويتطلب تنفيذ هذه الاستراتيجية تزويد أوكرانيا بالأسلحة الأكثر ملاءمة لوضعها التكتيكي”.
وأضاف أن “الواقع يخبرنا أن الجنود والمواطنين الأوكرانيين ممن يقاتلون ويدافعون عن أراضيهم ومدنهم أضعف من المهاجمين الروس عددا وعتادا. وهم يعون ذلك جيدا، وهذا هو سبب أهمية نجاح الهجمات باستخدام درونز بيرقدار لرفع روحهم المعنوية، فضلا عن الأضرار المادية التي ألحقتها بالخصم. وقد نشهد في الأسابيع والأشهر المقبلة كُتّاب الأغاني الأوكرانيين وهم يؤلفون أغاني عن سويتش بليد كما فعلوا مع بيرقدار”.