قمة العشرين التي انعقدت في أوساكا اليابانية شهدت حضوراً قوياً للمملكة العربية السعودية وولي عهدها الأمير محمد بن سلمان، وأوضحت الصور ومقاطع الفيديو القادمة من هناك حجم هذا الحضور واهتمام قيادات العالم بالتواصل مع السعودية.
كتب وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش مؤكداً هذا المعنى: الحضور السعودي المتألق في قمة 20 ودور الرياض المتنامي على الصعيد الدولي لمصلحة العرب والمنطقة. الروح الجديدة والمتجددة التي تشهدها السعودية مبشرة، ونرى في ازدهارها ازدهارنا وفي استقرارها استقرارنا" وهو تعبير صادق عن الاستراتيجية التي اختارتها القيادة الإماراتية الواعية بالتحالف مع السعودية حين اختارت دولة خليجية أخرى معاداة السعودية ودول الخليج والدول العربية.
كانت القمة فرصة مهمة لشرح مواقف وسياسات السعودية في المنطقة والعالم لا في الملفات السياسية فحسب، بل والاقتصادية كذلك، حيث تشهد السعودية نهضة غير مسبوقة، تقودها رؤية 2030 التي يقودها ولي العهد السعودي وهو عرّابها المجتهد في تحقيقها وتحويلها واقعاً ملموساً عبر شراكات ممتدة مع الكثير من دول العالم وبالذات الدول المتقدمة اقتصادياً والتي تجمعها قمة العشرين.
هذه الدول المتقدمة تشعر بالقلق المتزايد تجاه السياسات الإيرانية الداعمة لاستقرار الفوضى والإرهاب في منطقة تعدّ الأهم دولياً في مصادر الطاقة وتصدير النفط الذي يعني كل شيء في هذه المرحلة من التاريخ البشري، وبخاصة بعدما صعّدت إيران من هجماتها التي تستهدف ضرب طرق إمدادات الطاقة في خليج عُمان وفي وسط السعودية عبر طائرات مسيرة إيرانية.
منذ ما يقارب العقدين أصبحت دول الخليج العربي، وبالذات السعودية والإمارات تقود المشهد السياسي والثقافي والإعلامي والاقتصادي في العالم العربي بحيث انتقلت إليها هذه القيادة بعد فشل العديد من الدول العربية الرائدة في المحافظة على مكانتها التاريخية والتاريخ لا ينتظر أحداً بل يهب نفسه لمن يحسن قراءته ويتحضر جيداً لصناعته والتأثير فيه.
السعودية والإمارات تقودان «التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن»، وتواجهان ميليشيات «الحوثي» الإيرانية التي اختطفت الدولة هناك وهما بحاجة أن تفهم دول قمة العشرين الوضع في اليمن بوصفه حربَ ضرورة لا حربَ اختيار، ومعركة إنقاذٍ للدولة اليمنية والشعب اليمني، خصوصاً وأن الأمم المتحدة ومبعوثها قد أظهرت تحيزاً لخيارات الميليشيا الإيرانية، وهذا ما يجب أن تستوعبه قيادات الدول الأهم في العالم.
ثمة مقارنة لا تغيب عمن تابع كواليس القمة والاجتماعات التي عقدت على هامشها، وهي أن الحضور السعودي القوي قابله حضور باهت لدولة إقليمية معادية للسعودية والدول العربية، وقد ظهر ذلك في مواقف متعددة من أهمها تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب في لقائه مع ولي العهد السعودي ولقائه مع رئيس تلك الدولة، حيث أظهر مع الأول غاية الإعجاب والاحترام بينما أصدر تصريحاتٍ ساخرةٍ مع الثاني.
هذا التوجه الذي تقوده السعودية والإمارات في الحرص على التنمية وصناعة المستقبل وبناء الأجيال ونشر التسامح والسلام هو ما يحتاجه العالم وهو ما تدعمه دوله المتقدمة في عالم يتصدى لصناع الموت والإرهاب وناشري الفوضى والخراب، وهذا الوقت بالغ الأهمية لأن العقوبات الأميركية تخنق النظام الإيراني وهو يسعى جهده لتصعيد المواجهة ودفعها باتجاه الحرب قبل أن تؤتي العقوبات أثرها الحقيقي ويصبح نظاماً مهترئاً وبالياً يسهل التعامل معه.
أخيراً، فالأمير محمد بن سلمان أصبح رمزاً للشباب العربي الطموح، واسمه بات يتردد في العديد من الدول العربية كقائد طموح يفتش لنفسه وبلاده عن مكانة راقية في هذا العالم، وقد استلمت السعودية قيادة قمة العشرين تحضيراً للقمة القادمة.
*نقلا عن صحيفة الاتحاد